الى كل فنان وحتى غير فنان ..كيف وماذا نتعلم من الفنان الراحل قاسم كافي ؟


من كان يظنّ يوما أن ذلك الفتى القادم من صفاقس بمظهره المتواضع وهيئته التي تجعله إلى نادل مقهى شعبي أقرب منه إلى فنان مطرب، يصبح نجم الموسقى الشعبية وفارسها الأول لأكثر من أربعة عقود؟
قاسم كافي الذي نودعه اليوم إلى عالم أفضل بإذن الله، يبقى في ذاكرة أبناء جيلي بطلا لقصّة مثالية في الصمود والإيمان
فكم سخرنا من صوته الأجش المبحوح
وكم ضحكنا على أغانيه البسيطة ورميناها بالتفاهة والسطحية
وكم خفّضنا من شأنه ونحن نقارنه بفطاحلة فناني الشرق المتوافدين على مهرجاناتنا، المسيطرين على إذاعاتنا والغازين لشاشات تلفزتنا الناشئة
كنّا نقسم أنه لن يكون فنانا أبدا، لكن قاسم كان مؤمنا إيمانا راسخا بموهبته وقدراته وكان واثقا من نجاحه. فصمد وثابر وبحث عن طريقه فوجده في أنغام وإيقاعات موسيقانا الشعبيّة فقدّ منها أغاني ملأ بها تونس فرحا ومرحا وجعلها ترقص وتغني
وبدأنا نحن الذين صغّرناه وحقرناه نكتشف أن ذلك الفتى البسيط القادم من صفاقس كان يخفي بداخله جوهرة لحنيّة نادرة، وأنه يمتلك أُذنا موسيقية عالية، وأن له حرفيّة عجيبة تجعل منه صانعا من أمهر صنّاع الأغاني الشعبيّة التونسية التي لا يمكن أن يُنتج إلاّ في تونس ولا يؤدّيها إلاّ التونسيون ولا يستسيغها إلاّ التونسيون
قاسم كافي ولد فقيرا وعاش يتيما وغنّى بلا صوت، ولحّن بلا معرفة.. لكنه تغلّب على كل العراقيل والصعوبات وجعل منها حافزا لتحقيق حلمه الفني وإسعادنا لحظات لا تُنسى، وحفر ذاكرتنا بموهبته الفطريّة

رحمك الله يا قاسم! سنفتقدك في هذه الأوقات العبوسة الكئيبة
بقلم :عبد الجليل المسعودي

Commentaires